ـ على تقدير القطع بصدور جميع الأخبار التي بأيدينا على ما توهّمه بعض الأخباريين ، والظنّ بصدور جميعها إلّا قليل في غاية القلّة ، كما يقتضيه الانصاف ممّن اطّلع على كيفية تنقيح الأخبار وضبطها في الكتب ـ هو أن يقال : إنّ عمدة الاختلاف إنّما هي كثرة إرادة خلاف الظواهر في الأخبار ؛ إمّا بقرائن متصلة اختفيت علينا من جهة تقطيع الأخبار
______________________________________________________
الأخبار وتعارضها على تقدير القطع بصدورها ، ليس هو جواب صاحب الحدائق القائل بأنّه من جهة قوله عليهالسلام : «أنا خالفت بينهم» (١) ، بل الجواب عنه (على تقدير القطع بصدور جميع الأخبار التي بأيدينا على ما توهّمه بعض الأخباريين) حيث قال : بأنّ الأخبار التي بأيدينا مقطوع بها (والظنّ بصدور جميعها) ظنّا معتبرا (إلّا قليل) منها (في غاية القلّة) أي : إنّ التي لا نظنّ بصدورها قليل جدّا ، وذلك (كما يقتضيه الانصاف ممّن اطّلع على كيفيّة تنقيح الأخبار وضبطها في الكتب).
وعليه : فانّ الاطلاع على ذلك يوجب الظنّ المعتبر بصدور أغلب الأخبار التي بأيدينا ، وعلى هذا التقدير ، فالذي ينبغي في الجواب عن اختلاف الأخبار (هو أن يقال : إنّ عمدة الاختلاف إنّما هي كثرة إرادة خلاف الظواهر في الأخبار) فانّهم عليهمالسلام كثيرا ما أرادوا خلاف الظاهر ، واختفت القرائن المنصوبة على خلاف تلك الظواهر عنّا ، فانّ إرادتهم خلاف الظاهر كان (إمّا بقرائن متّصلة اختفيت علينا من جهة تقطيع الأخبار) حيث أنّ تقطيع الأخبار أوجب اختفاء القرائن ، وذلك كما في قول الإمام عليهالسلام : اغتسل للزيارة ، وللجمعة ، وللعيد ـ مثلا ـ فكان حشر الجمعة بين هذه المستحبّات قرينة على انّ غسل الجمعة مستحبّ ، بينما
__________________
(١) ـ عدة الاصول : ج ١ ص ١٣٠.