قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) قلت : فكيف يصنعان؟ قال : ينظران إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا
______________________________________________________
مراجعته في شيء من أمور الدين والدنيا من قضاء وحكم وغير ذلك ، كما ان معناه عدم إعانته والركون إليه.
ثم قال عليهالسلام : (قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)) ولعل مراد الإمام عليهالسلام من قوله : «قال الله تعالى ...» نقل الآية بالمعنى (١) ، أو نقل كلام الله سبحانه في حديث قدسي ، لا نقل الآية بالنصّ ، فإنه عليهالسلام استدل بذلك على أن التحاكم إلى غير الله ورسوله والأئمة الطاهرين عليهمالسلام تحاكم إلى الطاغوت ، وأنّ ما يأخذه بحكم الطاغوت هو سحت.
قال الراوي (قلت : فكيف يصنعان) هذان المتنازعان؟.
(قال : ينظران الى من كان منكم) أي : يتحاكمان إلى رجل من الشيعة (ممّن قد روى حديثنا) بأن يكون مجتهدا لا مقلدا (ونظر في حلالنا وحرامنا) بأن يكون له قوة الاستنباط الفعلي (وعرف أحكامنا) بأن يكون له فعليّة المعرفة بالحكم ، فإنّه قد يكون المجتهد مستنبطا فعليا له قوة الاستنباط ، لكنّه لا يستحضر المسألة التي ترافع فيها المنازعان إليه ، فإذا وجدا من هو جامع لهذه الشرائط (فليرضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما) وهذا يدل على أنّ اختيار القاضي في الرجوع إليه يكون بيد المترافعين.
ثم قال عليهالسلام (فإذا حكم بحكمنا) فإنّ القاضي قد يقول : إني أرى أن تتصالحوا
__________________
(١) ـ وهي الآية ٦٠ من سورة النساء : (أَنْ يَتَحاكَمُوا)