لأن رجحان السند إنّما اعتبر لتحصيل الأقرب إلى الواقع ، فإنّ الأعدل اقرب إلى الصدق من غيره.
بمعنى أنّه لو فرض العلم بكذب أحد الخبرين كان المظنون صدّق الأعدل وكذّب العادل ، فإذا فرض كون خبر العادل مظنون المطابقة للواقع وخبر الأعدل مظنون المخالفة ، فلا وجه لترجيحه بالأعدليّة ، وكذا الكلام في الترجيح بمخالفة العامّة ،
______________________________________________________
الخارجي على المرجّح السندي ، وذلك (لأنّ رجحان السند إنّما اعتبر لتحصيل الأقرب إلى الواقع) ممّا يظهر منه انّ ملاك الترجيح هو : الأقربية إلى الواقع ، ومعه فكلّما وجد هذا الملاك في أحد المتعارضين رجّح به.
وعليه : فإذا كان الملاك هو الأقرب إلى الصدق والواقع (فانّ الأعدل أقرب إلى الصدق من غيره) أي : من غير الأعدل وهو : العادل هنا لكن لا فعلا ، بل شأنا (بمعنى : انّه لو فرض العلم بكذب أحد الخبرين كان المظنون) ظنّا نوعيا (صدّق الأعدل وكذّب العادل) وعلى هذا الملاك (فإذا فرض كون خبر العادل مظنون المطابقة للواقع) ظنّا نوعيا ـ فعلا ـ لوجود المرجّح الخارجي كالشهرة (وخبر الأعدل مظنون المخالفة) للواقع (فلا وجه لترجيحه بالأعدلية) بل يؤخذ بالأشهر العادل لأنّه مظنون فعلا ، ويترك النادر الأعدل لأنّه مظنون شأنا ، والفعلي أقرب للواقع من الشأني.
(وكذا الكلام في الترجيح بمخالفة العامّة) الذي هو ترجيح بجهة الصدور فانّ الترجيح به كالترجيح الصدوري إنّما اعتبر لتحصيل الأقرب إلى الواقع قربا شأنيا لا فعليّا ، فإذا فرض وجود الظنّ النوعي الفعلي على انّ الخبر الموافق للعامّة مطابق للواقع بسبب المرجّح الخارجي ، كان المظنون بالفعل أقرب إلى الواقع