فيخرج الفرض عن تعارض الخبرين ، فلا مورد للترجيح في هذه الصورة أيضا ؛ لأنّ المراد به تقديم أحد الخبرين لمزيّة فيه ، لا لما يسقط الآخر عن الحجّيّة ، وهذه الصورة عديمة المورد فيما بأيدينا من الأخبار المتعارضة.
______________________________________________________
وعليه : (فيخرج) هذا (الفرض) وهو فرض تباين الخبر للكتاب تباينا كليّا (عن تعارض الخبرين) لما عرفت من انّ المخالف للكتاب مخالفة تباينيّا ليس بحجّة أصلا.
إذن : (فلا مورد للترجيح) أي : لترجيح أحد الخبرين ، الذين أحدهما مخالف والآخر موافق للكتاب (في هذه الصورة أيضا) كالصورة السابقة (لأنّ المراد به) أي : بالترجيح هو : (تقديم أحد الخبرين لمزيّة فيه) أي : في ذلك الخبر ، مفقود في الخبر الآخر (لا) تقديم أحد الخبرين الموافق (لما) أي : لظاهر الكتاب الذي يكون سببا لأن (يسقط الآخر) المخالف للكتاب (عن الحجيّة) رأسا ، فالكتاب إذن مسقط للمخالف ، لا أنّه مرجّح للموافق بعد كون المخالف حجّة أيضا.
(وهذه الصورة عديمة المورد فيما بأيدينا من الأخبار المتعارضة) فانّه ليس في أخبارنا المدوّنة في كتب الحديث أو الفقه اليوم خبر يخالف الكتاب مخالفة تباين ، وان كان في زمن الأوّلين أخبار مباينة لنصّ القرآن ، حيث أنّ خلفاء الجور وعلماء البلاط كانوا يضعون تلك الأخبار لتوطيد سلطانهم ، أو كان يضعها المخالفون للإسلام والمناوءون له وينسبونها إلى الرسول أو الأئمّة عليهمالسلام لترويجها عند المسلمين ، كما وضعوا في اصول الدين أخبارا من هذا القبيل مثل : أنّ الله سبحانه وتعالى يرى ، مع أنّه مخالف خلافا تباينيّا كليّا لقوله سبحانه :