إنّ الحديث الثامن ـ وهو رواية الاحتجاج عن سماعة ـ يدلّ على وجوب التوقف أوّلا ، ثمّ مع عدم إمكانه يرجع إلى الترجيح بموافقة العامّة ومخالفتهم ، وأخبار التوقف
______________________________________________________
الآمرة بالارجاء أوّلا ، ثمّ الترجيح بمخالفة العامّة ، مع سائر الروايات الآمرة بالترجيح أوّلا ثمّ الارجاء ، فانّ رواية الاحتجاج تقول : بأنّ الرجوع إلى المرجّحات إنّما يكون إذا لم يتمكّن من مراجعة الإمام ، بينما سائر الروايات تقول بالرجوع إلى المرجّحات وان تمكّن من مراجعة الإمام ، فكيف يمكن الجمع بين هاتين الطائفتين من روايات العلاج؟.
قال المصنّف : (إنّ الحديث الثامن ـ وهو رواية الاحتجاج عن سماعة ـ) حيث يقول فيها سماعة : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : «يرد علينا حديثان : واحد يأمرنا بالأخذ به ، والآخر ينهانا؟ قال عليهالسلام : لا تعمل بواحد منهما حتّى تلقى صاحبك فتسأل ، قلت : لا بدّ أن نعمل بواحد منهما؟ قال : خذ بما خالف العامّة» (١) ممّا (يدلّ على وجوب التوقّف أوّلا) وعدم الأخذ بأحد من الخبرين المتعارضين ، حتّى يلقى الإمام فيسأل عنه بأيّهما يأخذ؟ (ثمّ مع عدم إمكانه) أي : عدم إمكان التوقّف ، كما إذا كانت الواقعة محلّ الابتلاء الفوري ـ مثلا ـ ولا يتمكّن من الوصول إلى الإمام ، فانّه (يرجع إلى الترجيح بموافقة العامّة ومخالفتهم ، و) ذلك بأن يأخذ بما خالف العامّة ويترك ما وافق العامّة.
إذن : فهذه الرواية التي تأمر بالتوقّف أوّلا ، وتقدّمه على الترجيح ، وكذلك (أخبار التوقّف) كلّها ، سواء الوارد منها في باب علاج المتعارضين هنا ، أم الوارد
__________________
(١) ـ الاحتجاج : ص ٣٥٧ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٢٢ ب ٩ ح ٣٣٣٧٥ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٢٤ ب ٢٩ ح ١.