البشرية كلها وتتجه بها الى جهة واحدة ، وتطلقها تستمد من قوة الله ، وتعمل لتحقيق مشيئته ، في خلافة أرضه وعمارتها بطاعته ، وفي دفع الفتن والفساد عنها ، وفي ترقية الحياة ونمائها ، وهذه أيضا من مؤهلات النجاح في الحياة الواقعية.
والايمان بالله يحرر من العبودية للهوى ومن العبودية للمخلوق مهما كان وتقوى الله يقظة واعية تصون من الاندفاع والتهور والغرور ، وتوجه الجهد البشري في حذر ، فلا يتعدى ولا يتهور ، ولا يتجاوز حدود الله وقانونه.
وحين تسير الحياة متناسقة بين الدافع الى الخير والزاجر عن الشر تسير سيرة صالحة وتستحق مدد الله بعد رضاه ، وتحفها البركة ويعمها الخير والفلاح.
ان البركات الحاصلة مع الايمان الصحيح والعمل الصالح بركات في جميع الاشياء في النفوس والابدان والاموال ، بركات تنمي الحياة ، وترفعها في آن واحد ودوامها لا ينقطع حتى يتغير ايمان الانسان (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ).
(أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (١٠٠) تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ (١٠١) وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢))
ان سنة الله عزوجل لا تتخلف ، ومشيئته لا تتوقف ، فما الذي يؤمنهم ان يأخذهم الله بذنوبهم كما أخذ من قبلهم. وان يطبع على قلوبهم فلا يهتدون بعد ذلك. بل لا يسمعون الى دلائل الهدى ، ثم ينالهم جزاء الضلال في الدنيا والآخرة.