بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠) وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١))
البيان : ان هؤلاء الذين قد اختاروا الدنيا على الآخرة والنار على الجنة ، أولئك هم الاشقياء الذين خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) الذين تركوا النظر والاعتبار بما خلق الله من الادلة والبراهين على عظمته وباهر حكمته وتدبيره ، وعدله واحسانه.
الذين يغفلون عما يمر بهم من الاحداث والعبر فلا يرون فيها يد الله تدبر وتنسق وترسم وتصور (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ). فللانعام استعدادات فطرية تهديها ، أما الجن والانس فقد زودوا بالعقل والوعي والادراك ، والحواس الخمس ، فاذا لم يفتحوا قلوبهم وابصارهم وأسماعهم ليدركوا ويتعقلوا ويتدبروا ، اذا مروا بالحياة غافلين لا تلتقط قلوبهم معانيها وغاياتها ، ولا تلتقط أعينهم مشاهدها ودلالاتها و ، ولا تلتقط آذانهم ايقاعاتها وايحاءاتها فانهم يكونون أضل من البهائم والانعام الموكولة الى استعداداتها الفطرية الهادية
وهذه الغفلة المتعمدة ، وهذا الاعراض المقصود منهم يؤهلهم لاستحقاق الدخول في نار جهنم. ويجري بهم قدر الله اليها وفق مشيئته ، حين فطرهم وجعل جزاء المعرضين عن تدبر آياته الباهرة ، ودلالاته القاطعة في نار جهنم وبئس المصير.
(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ). وما كانت البشرية لتستحق التكريم لو لم تكن فيها دائما (جماعة تدين بعقيدة الحق وتهدي الى الحق وتعمل بالحق والعدل).
فمثل هذه الامة ـ حتى لو كانت واحدا كما قال عزوجل (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ).