وهذه القلة من أهل الحق يهدون غيرهم. ولهم قيادة على من حولهم من الضالين عن هذا الحق الذي يعرفونه وهم حجة على هؤلاء الضالين عن هذا الحق المتنكرين لذلك العهد والميثاق الذي أخذه الله على مخلوقاته في عالم الذر قبل أن تخلق أبدانهم وغرائزهم.
ان طبيعة هذا الدين واضحة لا تحتمل التلبيس ، صلبة لا تقبل التمييع ، والذين يلحدون في هذا الدين يجدون مشقة في تحويله عن طبيعته هذه الواضحة الصلبة. وهم من أجل ذلك يوجهون اليه جهودا لا تكل ، وحملات لا تنقطع ، ويستخدمون في تحريفه عن وجهته وفي تمييع طبيعته ، كل الوسائل وكل الاجهزة
وهم يستخدمون بعضا ممن يتزي برجال الدين لاجل تحريف الحقائق باسم الدين والمتدينين يحرفون الكلم عن مواضعه ، ويحلون ما حرم الله ويميعون ما أوجب الله. ويباركون الفجور باسم الثقافة والتقدم ويرفعون على ارتكاب الفواحش رايات التدين ، ويخدعون البسطاء في الحضارات المادية ، وهم يصورون الاسلام الذي يحكم الحياة حادثا تاريخيا مضى زمانه ويشيدون بعظمة هذا الماضي ليخدروا مشاعر المسلمين ، ثم ليقولوا لهم ـ في ظل هذا التخدير ـ ان الاسلام اليوم يجب أن يعيش في نفوس أهله عقيدة وعبادة ، لا شريعة ولا نظاما ، وحسبه وحسبهم ذلك المجد التاريخي ، وهم يحاولون تغيير طبيعته.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣))
البيان : هذه هي القوة التي لا يحسبون حسابها وهم يشنون هذه المعركة الضارية ضد هذا الدين القيم المستقيم. هذه هي القوة التي يغفل عنها المكذبون بآيات الله تعالى.