انهم غافلون عن أن الله يستدرجهم فيما يملي لهم من لذائذ هذه الدنيا الدنية ، فهم لا يؤمنون بان كيد الله لا يغلب ولا يقهر.
انهم يتولون بعضهم ويرون قوة أوليائهم ظاهرة في الارض ، وينسون القوة الكبرى انها سنة الله مع المكذبين .. يرخي لهم العنان ليتمادوا بالطغيان ، ويملي لهم ليزدادوا اثما وطغيانا ، استدراجا لهم في طريق الهلكة وامعانا في الكيد لهم والتدبير.
ومن الذي يكيد انه السلطان الجبار والملك القهار ذو القوة المتين ، ولكنهم عنه غافلون. قد خدعتهم زخارف الحياة وأعمت الجرائم قلوبهم وأصمت آذانهم.
(فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦))
البيان : لقد كانوا يقولون عن الرسول ص وآله ، في حرب الدعاية التي يشنها أعداء الحق يخدعون بها الجماهير : ان محمدا به جنة ، وهو من ثم ينطق بهذا الكلام الغريب ، غير المعهود في أساليب البشر العاديين.
ولقد كان الملأ من قريش يعلمون انهم كاذبون ، وقد تظافرت الروايات على أنهم كانوا يعرفون الحق في أمر رسول الله ص وآله ، وانهم ما كانوا يملكون ان يمنعوا أنفسهم عن الاستماع لهذا القرآن والتأثر به أعمق التأثر. وقصة الوليد بن المغيرة مشهورة.
والقرآن يدعوهم الى التفكر والتدبر في أمر صاحبهم الذي عرفوه من قبل وخبروه ، فلم يعرفوا عنه الا أصدق القول وأشد الامانة حتى لقبوه : (الصادق الامين)