(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ... وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ). وهي هزّة أخرى امام هذا الكون العجيب والنظر بالقلب المفتوح ، والعين المبصرة في هذا الملكوت الواسع الهائل العظيم. يكفي وحده لانتفاضة الفطرة من تحت الركام ، وتفتح الكنيونة البشرية لادراك الحق الكامن فيه والابداع الذي يشهد به ، والاعجاز الذي يدل على الخالق العظيم الواحد القدير. والنظر الى ما خلق الله من شيء يدهش القلب الحي ، ويحير الفكر السليم ، ويلجىء العقل الصحيح الى البحث عن مصدر هذا كله وعن الارادة التي أوجدت هذا الخلق العجيب.
القرآن يدعوهم الى التفكر والتدبر في أمر صاحبهم هذا المعروف لهم ماضيه كله المكشوف لهم أمره كله ، أفهذا به جنة .. أفهذا قول مجنون وفعل مجنون ، أم قول حكيم ورسول كريم ، انما هو منذر فصيح ناصح شفيق ، لا يلتبس قوله بقول المجانين ، ان هو الا نذير لقوم يعقلون (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا ... وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) ، ان امتداد الحياة عن طريق الزوجية والنسل ليقوم شاهدا يهتف لكل قلب حي وعقل سليم بتدبير الخالق الخبير الواحد الحكيم ، ثم يناجي نفسه المطمئنة : والا فمن ذا الذي يضمن للحياة وجود الذكر والانثى دائما في نسلها بالمقادير التي تم بها هذا التزاوج. لماذا لا يأتي زمن على الحياة. تنسل ذكورا فقط. أو اناثا فقط ولو حدث هذا لانقطع النسل عند هذا الجيل. فمن ذا الذي يمسك بعجلة التوازن دائما وابدا في كافة الاجيال بدون انقطاع او انفصال (ذلك تدبير الحكيم الخبير عزوجل).
ان التوازن ملحوظ في ملكوت السموات والارض جميعا ـ لا في هذه الظاهرة الحيوية وحدها ـ انه ملحوظ في بناء الذرة ، كما هو ملحوظ في بناء المجرة ، وملحوظ في التوازن بين الاحياء وبين