جميع الاشياء على حد سواء ، ولو اختل هذا التوازن شعرة ما ظل هذا الكون قائما لحظة فمن الذي يمسك بعجلة هذا التوازن المتقن العجيب في ملكوت السموات والارض جميعا .. ويكفي أن ينظر الانسان بالقلب المفتوح والعين المبصرة الى هذا الكون حتى يتلقى ايقاعاته وايحاءاته تلقيا موحيا هاديا محسوسا متيقنا أوثق لدى اللبيب من نور النهار.
ولذا كان الانسان بفطرته المكونة في أعماق فؤاده ان لها وللكون وما حواه خالقا عظيما ولكن يخطىء كثيرا في تطبيق هذا الخالق على مصاديق مخطئة من حيث يدري أو لا يدري.
وكانت الرسل والرسالات السماوية توضح له في كثير من الاوقات خطأه وغلطه. فكان تارة يؤب ويرجع الى صوابه ويهتدي حقيقة على خالقه ومولاه ، كما انه كان تارة يعاند ويكذب ويتعصب لهواه أو لمصالح وأغراض تدعوه لذلك وان كان في قرارة نفسه مصدقا
قانعا بصحة ما يدعي اله وان خالفه ظاهرا لغايات خاصة.
ان الله عزوجل الذي يخاطب الانسان بهذا القرآن لهو الذي خلق هذا الانسان. والذي يعلم فطرة هذا الانسان ، وأخيرا يلمس قلوبهم بطائف الموت الذي قد يكون متربصا بهم في كل لحظة وحركة وسكون ونفس من أنفاسهم :
(وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)
فما يدريهم ان أجلهم قد اقترب وما يبقيهم في غفلتهم سادرين ، وهم عن غيب الله محجوبون. وهم من قبضته لا يفلتون ، ان هذه اللمسة بالاجل المغيب ـ الذي قد يكون قد اقترب ـ لتهز القلوب الحية ، هزة عميقة ، لعله أن يستيقظ. وينفتح ويحسّ بكل ما يحيط به من الاخطار ان جاءه الاجل وهو تائه حيران لا يهدأ ولا يقر له قرار.