انه لكبيركم ليزيد ضخامة الدعوى امام الجماهير. وهل فضل من الله ليثبت تكذيب نفسه بكل ذلك. (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ. لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ...) انها الحماقة التي يرتكبها كل طاغية. حينما يحس بالعجز عن دفع ما يرد عليه حيث يلزم الحق بالاجرام والفساد. (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ).
لا ضير في كل ما تفعل ـ ان سمح لك بذلك من بيده ازمة الامور ـ (إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) فالمطمع الذي نرجوه هو (ان يغفر لنا ربنا أن كنا اول المؤمنين) يا لله يا لروعة الأيمان اذ يشرق في الضمائر واذ يفيض على الارواح. واذ يسكب الطمأنينة في النفوس. واذ يرتفع فيملأ القلوب بالغنى والوفر فاذا كل ما في الارض تافه حقير زهيد. اتجاه الايمان بالله. واحراز غفرانه ورضاه.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ). وهنا فجوة في الوقائع والزمن لا تذكر في هذا الموضع. فقد عاش موسى وبنو اسرائيل فترة بعد المباراة التي وقعت فيها الايات.
لقد أوحى الله عزوجل الى موسى (ع) ان يسري بعباده. وان يرحل بهم ليلا. بعد تدبير ونبأه ان فرعون سيتبعهم بجنده. وأمره أن يقود قومه الى ساحل البحر.
وعلم فرعون بخروج بني اسرائيل خلسة. فأمر بالتعبئة العامة. وهو لا يعلم انه تدبير رب العالمين. وانطلق عملاء فرعون يجمعون كل من يقدرون عليه. وعظم خطرهم. حتى ليحتاج فرعون نفسه الى التعبئة العامة. ونادى مناديه للتشجيع (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ) اذن فلهم شأن وخطر على كل حال. فليقل العملاء : ان هذا لا يهم فنحن لهم بالمرصاد (حاذِرُونَ).