وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أن القول المروي عن الربيع بن أنس والكلبي بشمول كلمة بهيمة الأنعام للوحش المماثل لها في محلّه وأن الذي منع هو صيدها في حالة الحرم وحسب. والله أعلم.
ثالثا : لقد أوّل الطبري وغيره جملة (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) بحالة الإحرام للحج أو العمرة. وجملة (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) بأنها للتحذير من استحلال الصيد في الحالة المذكورة وقد أوضح بعضهم هذه الحالة إيضاحا متسقا مع الأحكام الإسلامية أيضا. وهي تسربل الرجال بالملابس والأزر غير المخيطة قبيل دخول حدود الحرم المكي وقبيل الوقوف في عرفات وفي أثناء زيارة الكعبة لأول مرة والوقوف في عرفات وامتناعهم عن الحلاقة وتقصير الشعر والتزين والتطيب ومباشرة النساء على ما شرحناه من سياق تفسير آيات البقرة [١٩٦ ـ ٢٠٣]. وبعضهم (١) زاد على ذلك فقال إن حالة الحرم تعني أيضا الوجود في داخل منطقة الحرم (٢).
والقول الأول يعني أن الصيد يحل للمسلم حينما يتحلل من إحرامه خلال أشهر الحج ويتمتع بين العمرة والحج ولو كان في منطقة الحرم. والقول الثاني يعني أن الصيد لا يحل قط داخل منطقة الحرم سواء أكان المسلم محرما متسربلا
__________________
(١) انظر الخازن.
(٢) خصصنا الرجال بالذكر لأن السنّة سمحت للنساء باللباس العادي. فقد روى أصحاب السنن حديثا عن ابن عمر قال «سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مسّ الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفّا» (التاج ج ٢ ص ١٠٦) أما في صدد إحرام الرجال فقد روى الخمسة عن ابن عمر أيضا «أن رجلا قال يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب. قال لا يلبس القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلّا أن لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» (المصدر نفسه ص ١٠٥) وروى أصحاب السنن عن أبان بن عثمان قال «سمعت أبي يقول قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا ينكح المحرم ولا يخطب» ص ١٠٨.