والنهي عن أي تعاون وتضامن فيما هو إثم وعدوان مطلقا. ونذكر بهذه المناسبة بما نبهنا عليه في مناسبات سابقة من أن مقابلة المسلم على عدوان المعتدي الكافر بالمثل لا يعدّ عدوانا وإنما هو دفاع.
والفقرة الأولى من الآية الأولى احتوت مثل هذا التلقين في أمرها بالوفاء بالعقود لأي كان.
وهذا وذاك متسقان مع المبادئ القرآنية العامة التي تكرر تقريرها في مختلف السور المكية والمدنية.
ولقد ساق ابن كثير بعض الأحاديث النبوية في سياق جملة (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ). منها حديث رواه الإمام أحمد وروى صيغة مقاربة له الشيخان والترمذي عن جابر وهي هذه «قال النبي صلىاللهعليهوسلم لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما. إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر. وإن كان مظلوما فلينصره» (١) وحديث رواه الطبراني عن شمران بن صخر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام». وهناك حديث مهم يحسن أن يساق في هذا المساق رواه أبو داود عن جبير بن مطعم عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «ليس منّا من دعا إلى عصبيّة وليس منّا من قاتل على عصبيّة. وليس منّا من مات على عصبيّة. قال واثلة قلت يا رسول الله ما العصبية قال أن تعين قومك على الظلم» (٢).
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً
__________________
(١) التاج ج ٥ ص ٤٨.
(٢) المصدر نفسه ص ٢١.