قرية معمورة على شاطئ نهر.
وقد غرسوا في كلّ قرية منها شجرة من الصنوبرة ، وأجروا عليها نهرا من عين ، وحرّموا شرب مائها على أنفسهم وأنعامهم ، ومن شرب من مائها قتلوه ، ويقولون : إنّه ـ أي الماء ـ حياة الآلهة فلا ينبغي لأحد أن ينقص حياتها ، وقد جعلوا في كلّ شهر من السنة يوما في كلّ قرية عيدا يخرجون فيه إلى الشجرة فيسجدون لها ، ويذبحون لها الذبائح ثمّ يحرقونها ، ويبكون ويتضرّعون عندها ، والشيطان يكلّمهم وكان هذا دأبهم.
ولمّا طال منهم الكفر وعبادة الشجر بعث الله إليهم رسولا من بني إسرائيل فدعاهم إلى عبادة الله تعالى ، فلم يؤمنوا ، فدعا الله على الشجرة فيبست ، فلمّا رأوا ذلك جزعوا ، وقالوا : إنّ هذا الرّجل ـ يعني النبيّ ـ سحر آلهتنا ، وقال آخرون : إنّ آلهتنا غضبت علينا من هذا الرجل الذي يدعونا إلى الكفر بها ، فاجتمعت آراؤهم على قتله فحفروا بئرا وألقوه فيه ، وشدّوا رأس البئر حتى مات ، فأنزل الله عليهم عذابه ، وأهلكهم عن آخرهم (١).
( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) (٥٤)
قال ابن سيرين : نزلت الآية في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ بن أبي طالب عليهالسلام زوج فاطمة فهو ابن عمّه وزوج ابنته فكان نسبا وصهرا (٢).
__________________
(١) الميزان ١٥ : ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، نقلا عن عيون أخبار الرّضا عليهالسلام.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٢٧٣.