كان من أهمّ ما عنى به الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام تفسير القرآن الكريم الذي هو رسالة الله تعالى الكبرى لعباده ، ومنهجه الكامل لما فرض عليهم من أحكام ، وليس هناك أحد غيره أدرى بما في القرآن من ناسخ ومنسوخ ، وعامّ وخاصّ ، ومجمل ومبيّن ، ومطلق ومقيّد ، فقد علّمه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جميع ذلك ، وقد صرح الإمام بذلك بقوله :
« سلوني عن كتاب الله ، فو الله! ما نزلت آية من كتاب الله في ليل ونهار ولا مسير ، ولا مقام إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلّمني تأويلها ... ».
فانبرى إليه أحد قردة ذلك المجتمع ابن الكوّاء الدنس الخبيث ساخرا فقال له : يا أمير المؤمنين ، فما كان ينزل عليه ، وأنت غائب عنه؟
فأجابه الإمام :
« كان يحفظ عليّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا غائب عنه ، حتّى أقدم عليه فيقرأنيه ، ويقول : يا عليّ ، أنزل الله بعدك عليّ كذا وكذا ، وتأويله كذا وكذا ، فيعلّمني تنزيله وتأويله » (١).
لقد عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بتفسير جميع ما نزل عليه من كتاب الله العظيم ، وبيان محتوياته ، ودقائقه وأسراره. وعلى أي حال ، فإنّا نعرض إلى ما اثر عن الإمام عليهالسلام من تفسير بعض الآيات ، وفيما يلي ذلك :
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٢ : ٧٩. الاحتجاج : ١٣٩.