له منبر فاقيم له من حدائج الإبل ، فصعد عليه ورفع عقيرته قائلا بعد حمد الله والثناء عليه :
« أيّها النّاس ، قد نبّأني اللّطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبيّ إلاّ مثل نصف عمر الّذي قبله ، وإنّي اوشك أن ادعى فأجيب ، وإنّي مسئول ، وأنتم مسئولون ، فما ذا أنتم قائلون؟ ».
فانبروا جميعا بصوت واحد : نشهد أنّك قد بلّغت ، ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا ، واستمر النبيّ في خطابه قائلا :
« ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّ جنّته حقّ ، وأنّ ناره حقّ ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ السّاعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ... ».
فهتفوا جميعا : بلى نشهد بذلك ...
ورفع الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم رأسه إلى السماء قائلا :
« اللهمّ اشهد ... ».
ووجّه النبي إليهم خطابه قائلا :
« أيّها النّاس ألا تسمعون؟ ».
نعم.
وأنبرى الرسول ليقيم عليهم الحجّة ، ويدلي بما أمره الله به قائلا :
« إنّي فرط على الحوض ، وأنتم واردون عليّ الحوض ، وإنّ عرضه ما بين صنعاء وبصرى (١) ، فيه أقداح عدد النّجوم من فضّة ، فانظروا كيف تخلّفوني في الثّقلين؟ ... ».
__________________
(١) صنعاء : عاصمة اليمن. بصرى : قصبة كورة حوران من أعمال دمشق.