ايمانه وإخلاصه لتلك الدعوة مهما كلفته من متاعب وآلام ، لذلك فقد قاسى وتحمل من قومه ما لم يتحمله نبي من قبله ، وبعد ان تهيأ له من الأنصار والأعوان ما يكفيه لأن ينتقم بهم لنفسه وللمعذبين ، لم يفكر في ذلك ، لو لا ان الله سبحانه أمره بقتالهم ورد عدوانهم.
وفي جميع المراحل التي مر بها قبل هجرته وبعدها ، لم ينقطع عنه الوحي حتى في أيام حروبه مع المنافقين والمشركين ، الى ان أكمل الله دينه وبلغه الرسول (ص) للحاضر والغائب وكانت لله بذلك الحجة البالغة على خلقه (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ).
ولم يرحل الى جوار ربه إلا بعد ان عبد لهم الطريق وسهل لهم السبيل ، فأقام عليا (ع) من بعده إماما وهاديا بأمر من الله رب العالمين ، حتى لا تكون أمورهم فوضى تتقاذفهم الأهواء والميول وأرشدهم القرآن اليه بقوله :
(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) حيث لم تكن هذه الصفات لغيره وهو وحده الذي تصدق في صلاته.
ومن إشارة النبي إليه بالخلافة ، منذ بعث نبيا ، حتى كانت حجة الوداع. وكان موقفه الذي لا يختلف فيه اثنان من المسلمين حينما خطب في ذلك الحشد الذي رافقه بعد أداء فريضة الحج ، مصرحا بخلافة علي ، بالأسلوب المتبع يومذاك ، الذي فهمه المسلمون ولم يترددوا في المقصود منه.
فمن جميع ذلك وتلميحاته وإشاراته ، التي لا يخلو منها موقف من مواقفه الكريمة ـ آمن الكثير بحق علي في الخلافة. وإذا أضفنا الى ذلك ما ورد على لسان الرسول في مدحه والثناء على شيعته ، وما كان يحيطه