به من عناية واشادة ببطولاته وخدماته في سبيل هذا الدين ، يتبين لنا ان فكرة التشيع التي برزت في عهد الرسول قد غذاها الرسول نفسه بالقول والعمل في كثير من المناسبات ، حتى احتلت مركزها الاسمي في نفوس الكثير منهم. وأصبحوا يرون عليا وأبناءه الطاهرين دعامة للحق وترجمانا للكتاب ، ومرجعا لهم في أمور الدين والدنيا. كما كان أكثرهم يراه صاحب الحق الشرعي في الخلافة ، حتى هو نفسه كان مطمئنا لحقه فيها.
ولما فوجئ بنبإ السقيفة استغرب ان يستغل جماعة من الصحابة انصرافه الى تجهيز الرسول ، بعد ان لحق بالرفيق الأعلى ، وأن يتنكروا لما سمعوه منه ولمسوه من حرصه على استخلافه من بعده.
فولاء أهل البيت والتشيع لهم ولد بعد مولد الإسلام بقليل ونما بنمو الإسلام وتركز في النفوس ، حتى أصبح عقيدة يوم كانت بيعة الغدير حيث استجاب الرسول (ص) لنداء ربه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
وفي الآية إشارة الى ان قوما من ذوي الأطماع ، كانوا يعملون جهدهم لإقصاء علي عن حقه ويعارضون فكرة الخلافة ، وكان الرسول يعرفهم بأسمائهم ويتخوف خلافهم عليه وكيدهم للإسلام ، لو عقد له البيعة العامة في أيام الموسم لينتشر نبأها في أنحاء الجزيرة بين الملايين من المسلمين. ولما نزلت الآية لم ير بدا من موقفه الذي وقفه ، ليؤدي إلى الملإ الذي احتشد حوله رسالة السماء. وكما أشرنا فيما مضى ان أهل الأطماع تكتلوا لاقصائه عن حقه ، حتى كانت الفرصة المواتية ، وكانت السقيفة ، التي اجتمع فيها الأنصار حول زعيمهم سعد بن عبادة