على من قال بأن التشيع نشأ من تأثير مذاهب الفرس في الاسلام ، وانه لم يكن قبل الفتح الاسلامي. قال المستشرق فلهوزن في بحثه عن التشيع : ان حركة التشيع نشأت على تربة عربية خالصة ولم تنتشر بين غير الساميين الا بعد ظهور المختار.
وقال : (جولد تشيهر) فيما كتبه عن الشيعة ، في جملة فصوله من كتابه المترجم الى العربية : ان من الحقائق الأولية ان مسألة الخلافة قسمت المسلمين الى فرقتين : أهل السنة والشيعة. وكان لأهل البيت فريق يعترف سرا بحقوقهم حتى في عهد الخلفاء الثلاثة الأولين ، ولكن هذا الفريق لم يكن يجاهر بالخصام ، وبعد عصر هؤلاء الخلفاء صار يعارض كل من حكم من غير أبناء علي (١). لقد انتهى الكاتب في بحثه عن تاريخ التشيع الى حقيقة لا بد للباحث المجرد أن ينتهي اليها. ولو لا الخلافة الاسلامية لم يكن هذا الصراع بين المسلمين منذ اليوم الأول لوفاة الرسول حتى اليوم. وإن كنا لا نوافقه في رأيه بأن المؤمنين بحق علي لم يجاهروا بذلك. ان هؤلاء وقفوا الى جانب علي ، ولم يبايعوا احدا إلا بعد أن بايع علي (ع) ، حرصا منه على مصلحة الاسلام العليا. وكانوا يجاهرون برأيهم في كل مناسبة تدعو لذلك. ووقفوا من الخلفاء موقف الناقد لتصرفاتهم كلما لمسوا منهم ضعفا او استئثارا بحقوق الآخرين. وقد وقف ابوذر وعمار بن ياسر وغيرهما من زعماء الشيعة البارزين موقف المعارض لسياسة عثمان بن عفان وسيرته بعد أن نهج على غير الخطة التي رسمها الرسول لنفسه وللولاة من بعده ، ووقف الى جانبهم بعض الوجوه من صحابة الرسول ، واتسعت حركة المعارضة حتى شملت العواصم الاسلامية الكبرى. وأخيرا لقي
__________________
(١) العقيدة والشريعة في الاسلام.