مصيره الذي رسمه له الموجهون لسياسته على يد الثائرين من مختلف البلاد. فالتشيع في جميع أدواره لم يختلف فيما تعنيه هذه الكلمة ، وإنما الشيء الذي برز فيه هو الموقف السلبي الذي وقفه الشيعة من الدولتين الأموية والعباسية ، لخروجهما عن النهج الذي رسمه الإسلام للحاكم واستبدادهما بالأمة ومقدراتها ، وحملهم الناس على الخضوع والاعتراف لهم بالملكية المطلقة. ولو كانت سيرة أبي بكر وعمر كسيرة غيرهما من الأمويين والعباسيين لوقف الشيعة منهما عين الموقف الذي وقفوه مع الأمويين غير مهادنين ولا مسالمين ، مهما كانت النتيجة ، لأن الحكم عندهم وسيلة لإحقاق الحق وتطبيق العدالة والمساواة بين افراد الأمة وإن اختلفت العناصر وتباينت الألوان.
فما ذكره بعض الكتاب من أن المعنى المصطلح عليه في التشيع وهو الفرقة المتميزة بعقائدها وعاداتها الخاصة ، المعروفة عند الفقهاء والمتكلمين ومؤرخي الفرق وغير ذلك مما يقصدون من كلمة التشيع ، هذا المعنى للتشيع لم يكن له في عهد الامام عين ولا اثر ، وانما كان للإمام في عهده أنصار واتباع وكانت كثرة المسلمين كلها انصارا له واتباعا.
وينتهي الكاتب في بحثه عن التشيع في العصور المتأخرة عن عصر الامام (ع) الى ان فرقة التشيع بالمعنى المعروف نشأت وتكونت وأصبحت حزبا سياسيا منظما لعلي وبنيه بعد أن وقع الصلح بين الحسن (ع) ومعاوية على شروط ، لم يف له بشيء منها (١).
ولكن الباحث الخبير والمتتبع لسير الحوادث ، التي رافقت النزاع على
__________________
(١) الدكتور طه حسين في المجلد الثاني من كتابه الفتنة الكبرى ، علي وبنوه.