منذ نشأتهما في فجر الإسلام إلى المرحلة الأخيرة من المراحل التي استقرأ عليها.
ومع ان الحاجة الملحة لمعرفة أحكام الحوادث المتجددة هي التي اضطرتهم الى الاعتماد على الإجماع والقياس واعتبارهما أصلين من أصول التشريع من حيث عدم توفر النصوص الكافية بأحكام الحوادث المتجددة على حد زعمهم ، مع كل ذلك فإنهم كما يتراءى من سيرتهم كانوا يتشددون في قبول المرويات عن الرسول (ص) ولا يقبلون الحديث الا بعد تحليف الراوي أو تقديم البينة.
وجاء في بعض المرويات ان عمر بن الخطاب كان يضرب المكثرين من الرواية بدرته ، وقيل لأبي هريرة لم أكثرت من الحديث ، أكنت تحدث في زمن عمر هكذا؟ قال : لو كنت أحدث في زمن عمر بمثل ما أحدثكم ضربني بمخفقته (١).
وعن الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ : ان الصديق جمع الناس بعد وفاة الرسول (ص) لما رآهم يحدثون عنه فقال : انكم تحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا ، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه. وأضاف الى ذلك في الكتاب المذكور : ان قرضة بن كعب قال : لما سيرنا عمر بن الخطاب الى العراق مشى معنا وقال لنا : أتدرون لم شيعتكم؟ قالوا مكرمة لنا قال : ومع ذلك فإنكم تأتون أهل قرية لهم دوي في القرآن كدوي النحل ، فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم جردوا الحديث وأقلوا من
__________________
(١) انظر تاريخ التشريع الإسلامي للخضري ص ١٠٨.