سهلوا لهؤلاء ، بقصد أو بدون قصد ، تشويش الحديث وتشويه السنة الكريمة ، ولكن الحريصين على كتاب الله وسنة نبيه العظيم ، وعلى رأسهم علي (ع) ، قد بذلوا أقصى ما لديهم من جهد لتثبيت دعائم الدين ونشر تعاليمه ، فدونوا الحديث والفقه وجميع ما جاء به الإسلام ، حتى أرش الخدش ، كما دلت على ذلك كتب الحديث وأخبار أهل البيت الصحيحة.
قال الأستاذ محمود أبو رية (١) : كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتاب ، الى ما بعد المائة الأولى للهجرة وصدر كبير من المائة الثانية ، ان اتسعت أبواب الرواية وفاضت انهار الوضع ، بغير ما ضابط ولا قيد ، حتى بلغ ما روي من الأحاديث الموضوعة عشرات الألوف ، لا يزال أكثرها مثبتا في الكتب المنتشرة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
ووضع الحديث على رسول الله ، كان أشد خطرا على الدين وأنكى ضررا بالمسلمين من تعصب أهل المشرقين والمغربين ، وان تفرق المسلمين إلى شيعة ورافضة وخوارج ونصيرية ، لهو أثر من آثار الوضع في الدين.
ثم نقل عن السيد رشيد رضا (٢) : إن أهم أسباب الوضع هو ما وضعه الزنادقة ، اللابسون لباس الإسلام غشا ونفاقا. وقصدهم بذلك إفساد الدين وإيقاع الخلاف والافتراق في الإسلام. قال حميد بن زيد : وضعت الزنادقة أربعة آلاف حديث ، وهذا بحسب ما وصل اليه علمه
__________________
(١) في كتابه : أضواء على السنة المحمدية ، تحت عنوان : الوضع في الحديث وأسبابه صفحة ٨٠.
(٢) من المجلد الثالث من مجلة المنار صفحة (٥٤٥).