واختباره في كشف كذبها ، وإلا فقد نقل المحدثون ان زنديقا واحدا وضع هذا المقدار! قالوا : لما أخذ ابن ابي العوجاء لتضرب عنقه قال : وضعت فيكم أربعة آلاف حديث ، أحرم فيها الحلال وأحل الحرام.
وقد ذكر الأستاذ أبو ريّه قسما كبيرا من الأحاديث الموضوعة بواسطة أبي هريرة وكعب الأحبار وغيرهما في فضل معاوية وبلاد الشام ، كما جاء في كتابه الاضواء (١). ثم قال : لم يكن الوضع على رسول الله مقصورا على أعداء الدين وأصحاب الأهواء ، وإنما كان الصالحون من المسلمين يضعون كذلك أحاديث على رسول الله ويجعلون ذلك حسبة لله بزعمهم. ويحسبون أنهم بعملهم هذا يحسنون صنعا. وإذا سألهم سائل ، كيف تكذبون على رسول الله؟ قالوا : نكذب له لا عليه. وذكر أن عبد الله النهاوندي ، سأل غلام أحمد ، من أين لك هذه الأحاديث ، التي تحدث بها في الرقائق؟ قال : وضعناها لنرقق بها قلوب العامة (٢).
وبلغ بهؤلاء الحال انهم كانوا إذا استحسنوا شيئا صيرورة حديثا ، كما نقل في الاضواء عن ابن عساكر في تاريخه.
وقد وضع أبو هريرة نواة هذا الأسلوب من الوضع في جملة الأحاديث التي رواها المحدثون من السنة عنه. فقد أخرج الطحاوي في المشكل عن أبي هريرة ان النبي (ص) قال : إذا حدثتم حديثا تعرفونه ولا تنكرونه ، فصدقوا به ، قلته أم لم أقله. فإني أقول ما يعرف ولا ينكر.
__________________
(١) ص ٩١ ـ ٩٨.
(٢) الاضواء ص ١٠٢ و ١٠٣.