حلة ، إذ خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة ، فوالله ، ما أدري لعله كان من قومك أو من رهطك! (١).
وعلى ما يبدو ان أبا هريرة مستعد لأن يروي عن الرسول كل شيء وأصبح الكذب على رسول الله أيسر عليه من أي شيء آخر ، ولذلك أدناه معاوية إليه وجعله من أقرب المقربين وأوفرهم عطاء ، لأنه وجد عنده موردا خصبا يمكنه ان يستغله لتدعيم ملكه والطعن على علي (ع). بشرط ان يهيئ له معاوية المضيرة ، تلك الأكلة الشهية المحببة الى نفسه. ومعاوية مستعد لها ولأكثر منها من ألوان الطعام وآلاف الدنانير التي كان يغدقها عليه من أموال المسلمين ، حتى تغير حاله من ضيق الى سعة ، ومن فقر الى ثراء ، وأصبح يلبس الخز والساج المزرور بالديباج (٢) ، بعد ان كان يستر جسمه بخرقة بالية ، يجمعها بيده ، ليستر عورته ، والقمل يدب عليها. وبعد ان كان يخر مغشيا عليه في مسجد رسول الله من الجوع ، فيجيء الجائي ، فيضع رجله على عاتقه ويظنه مجنونا ، وما به سوى الجوع (٣) كما أخبر عن نفسه.
لقد نشأ أبو هريرة فقيرا معدما ، يخدم الناس بطعام بطنه ، ولم تتغير حالته حتى بعد دخوله الإسلام. ولم يجد من الخليفتين ، ابي بكر وعمر ، ما كان يصبو اليه من النعيم والثراء. ويدل على ذلك ان عمر بن الخطاب ، لما عزله عن ولاية البحرين ، قال له : هل علمت من حين استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين ، وكان ذلك سنة
__________________
(١) الاضواء ص ١٦٢ عن البداية والنهاية.
(٢) كما جاء في طبقات ابن سعد وغيرها من كتب التراجم.
(٣) كما جاء في رواية البخاري ، الاضواء صفحة ١٨٦. وانظر السنة قبل التدوين ترجمه أبي هريرة ص ٤١٣ وما بعدها.