احدى وعشرين للهجرة.
ومن كانت هذه حالته ، ليس من المستغرب عليه ، ان يبتعد عن علي ، الذي كان أكثر طعامه خبز الشعير والخل ، ويميل إلى دولة بني أمية ذات الأطعمة الناعمة والعطاء الجزيل.
إن عليا أحمي حديدة لأخيه عقيل المكفوف وأعطاه إياها ، لما طلب منه أكثر من عطائه ، ليسد جوعه وجوع أولاده. فما ذا يأمل منه أبو هريرة ، وقد رأى منه هذا الصنيع مع أخيه ، أقرب الناس اليه؟ وبالأمس القريب أعطاه سليل أمية (عثمان) عشرة آلاف دينار حينما روى له ان الرسول قال : ستلقون بعدي فتنة واختلافا ، فقال له قائل من الناس ، فمن لنا يا رسول الله. أو ما تأمرنا؟ فقال : عليكم بالأمين وأصحابه ، وهو يشير إلى عثمان (١).
وحينما روى عن الرسول أنه قال : ان أشد أمتي حبا لي قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ، يعملون بما جاء في الورق المعلق ، يعني بذلك المصاحف التي كتبها عثمان (٢).
لقد اتجه أبو هريرة الى الأمويين على عهد عثمان ، وكان في ذلك مسيرا لما فطر عليه وبرز في حياته منذ صباه ، وكان من أغلى أمانيه ، وهو إشباع بطنه.
واتجه إليه الأمويون ، فكان يعطيه عثمان ويدنيه ، وبعده اعتزل عليا ومال مع معاوية ، ومعاوية كان أحوج له ولأمثاله من عثمان ، فأغدق عليه العطاء ووفر له أسباب النعيم ، وبنى له قصرا في العقيق ، واقطعه
__________________
(١) نقله في الاضواء عن مسند احمد.
(٢) نفس المصدر ، عن البداية والنهاية لابن كثير.