وقادة الجيش ووزع ما وجده في بيت المال على المسلمين ، كل بمقدار نصيبه ، إلا المقاتلة (وهم أفراد الجيش وقادته) فإنه زاد في عطائهم مائة مائة. وقبل أن يمضي على استخلافه ثلاثة أشهر ، أشار عليه من حوله من القادة ورؤساء القبائل بالرجوع الى صفين ، تنفيذا للخطة التي كان والده (ع) قد رسمها وباشر في تنفيذها قبل اغتياله ، فلم ير (ع) بدا من تنفيذ هذه الخطة وتحقيق رغبات الملحين عليه في تنفيذها.
ثم خرج من الكوفة متجها لقتال معاوية في جيش لا يقل عن سبعين ألفا من المجاهدين ، وأرسل ابن عمه عبيد الله بن العباس على رأس فرقة من الجيش ، وأمره أن يعبر الفرات إلى قرية يقال لها (مسكن) ليمنع معاوية من دخول الحدود العراقية ، وأوصاه ان لا يبتدئ معاوية بالقتال ، حتى يكون هو البادئ فيه. وأرسل معه قائدين من قواد جيشه وخلص شيعته ، ليتعاون معهما في الرأي وتدبير الأمور حسبما تمليه المصلحة. وتخلف الحسن (ع) في المدائن بقصد التعبئة العامة واستكمال العدد الكافي لمجابهة العدو. ولما أحس بدسائس معاوية وتغلغلها بين صفوف جيشه وانحراف بعض قواد الجيش بواسطة المال والمناصب التي أغراهم بها معاوية ، وقف بينهم خطيبا ليعرف مدى ما تركته دسائس معاوية من آثار سيئة بين صفوف جيشه. وما ان قال : «ألا وان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة واني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم فلا تخالفوا امري» ، حتى رموه بالكفر ونهبوا ما في خيمته من أمتعة وطعنه الجراح بن سنان الأسدي برمحه ، فأصاب فخذه. فعرف أن الجيش لا ينصاع لأوامره. واستغل ابن هند تلك الكلمات التي ألقاها الحسن (ع) بقصد استكشاف نوايا أتباعه ، كما استغل موقف جيشه منه ، فآثر عند ذلك ان يستعمل الحيل والمكر والمال ، لعله يربح المعركة بدون