قتال. فأرسل الى عبيد الله بن العباس ، الذي ولاه الحسن (ع) أمر القيادة ، كتابا يمنية فيه حسن صنيعه ، ان هو بادر الى طاعته ، ويغريه بالعطاء الجزيل ، فاستجاب له ابن عباس ودخل في طاعته ليلا.
وتولى قيادة الفرقة المرابطة على الحدود ، قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ، وأصر هو وجنوده التواصل على قتال معاوية. ولما يئس معاوية من استجلابهم بما لديه من الوسائل ، أرسل وفدا ليفاوض الحسن (ع) بالصلح وشروطه. وكان من نتيجة ذلك ، ان وافق الحسن على الصلح ، بعد ان لمس من أهل العراق التخاذل ، وعرف أن الرؤساء والقواد يعرضون على معاوية طاعتهم وتسليم الحسن مكتوفا (١).
لقد عرف الحسن كل ذلك ووصلت اليه جميع اخبارهم ، وبالأمس القريب كان يراهم مع أبيه متخاذلين ، لا يندفعون الى خير ولا يتباطأون عن شر. وسمع أباه مرارا من على منبر الكوفة يتمنى فراقهم بالموت أو القتل. ومن يتتبع الحوادث التي مرت في تلك الفترة الوجيزة من أشهر خلافته والظروف التي أحاطت به ، يرى ان ما حدث من أمر الصلح مع معاوية كان لا بد منه. وقد أدرك بعض المستشرقين تلك المرحلة الدقيقة من تاريخ المسلمين والظروف العصيبة التي أحاطت الحسن (ع) وانتهى الى أن ما فعله كانت تمليه المصلحة العامة والحكمة (٢).
ويميل الى ذلك السيد مير علي في كتابه مختصر تاريخ العرب (٣). ونظر أكثرهم إلى الصراع بين الحسن ومعاوية من الناحية السياسية التي تمثل المكر والدهاء واستباحة كل شيء في سبيل أغراض الساسة
__________________
(١) شرح النهج لابن ابي الحديد.
(٢) روندلسن ، في كتاب عقيدة الشيعة في إيران والعراق.
(٣) كما نقل الدكتور علي الخرطبولي في كتابه : العراق في ظل العهد الأموي.