ففي الدور الذي كان فيه أئمة الشيعة تحت الرقابة الشديدة ، والشيعة يقاسون ألوانا من التعذيب والتنكيل ، كان كبار الفقهاء والمفتين من الشيعة ، ولكن صبغة التشيع لم تكن بارزة في فقههم وحديثهم : ومرد ذلك الى الضغط السياسي الذي برز في سياسة الحكام الأمويين. الذين سخروا الدين والفقه وجميع الآثار الإسلامية لتدعيم عروشهم.
ولا بد لنا من عرض موجز لعدد من مشاهير شيوخ الفقه والتشريع من رجال الشيعة في العهد الأموي ، لنعرف مدى مساهمة التشيع في الفقه الإسلامي والتفسير والحديث ، من بداية العهد الأموي ، إلى العصر الذي ظهر فيه الإمام محمد الباقر. وقد استعرض الدكتور محمد يوسف في كتابه ، تاريخ الفقه الإسلامي ، المشاهير من شيوخ التشريع في عهد الصحابة ، ومن أخذ عنهم من الفقهاء الشيعة وتلامذتهم من التابعين.
وفي تاريخ التشريع الإسلامي للشيخ الخضري ما يقرب مما ذكره محمد يوسف ، ومن بين هؤلاء من ثبت تشيعه وولاؤه لأهل البيت.
فمن فقهاء الشيعة سعيد بن المسيب ، وهو أحد الفقهاء السبعة الذين تخرجوا من مدرسة الفقه في المدينة. ومن أشهر المفتين والمحدثين في زمانه. ولد لأربع سنوات من خلافة عمر الخطاب ولازم الأئمة من أهل البيت وأصبح من حواري علي بن الحسين (ع).
قال الفضل بن شاذان : لم يكن في زمن علي بن الحسين في آخر أمره الا خمسة نفر : سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ومحمد بن جبير بن مطعم ويحيى ابن أم الطويل وأبو خالد الكابلي (١).
__________________
(١) رجال العلامة ص ٣٩.