الامامين الباقر والصادق عليهماالسلام. ولعل ذلك من الأسباب التي صرفت أنظار الحكام عنهم ، وترك لهم المجال للاتصال بالجماهير ، ونشر آرائهم في الفقه وأحاديثهم بين الناس. ويؤيد ذلك ما جاء في رواية محمد بن عمرو بن عبد العزيز الكشي ، ان يحيى بن ام الطويل طلبه الحجاج وعرض عليه النجاة ، ان هو لعن عليا (ع). ولما امتنع عن ذلك أمر بقطع يديه ورجليه وقتله. أما سعيد بن المسيب ، فنجا منه لأنه كان يفتي بقول العامة. وكان آخر اصحاب رسول الله ومن أشهر المفتين في زمانه.
وأما ابو خالد الكابلي ، فهرب الى مكة وأخفى نفسه بها. واستجار عامر بن وائلة ، الفقيه الشيعي ، بعبد الملك ، وكانت له يد عنده (١).
لقد كان التشيع يشغل الجانب الأكبر من تفكير الأمويين والطبقات الحاكمة منهم ، لأن المبدأ الذي ترتكز عليه نظرية التشيع ، يحمل في معناه روح الثورة على كل حاكم لا يتخذ المبادئ الاسلامية دستورا عمليا لحكومته ، ويقرر عدم الاعتراف بسلطانه ، لا سيما وان المسلمين قد نهجوا منهجا عقليا في تفكيرهم ، بعد اتصالهم بالشعوب التي غزاها الاسلام ، وتأثر الفكر العربي بالأقطار الأجنبية. وكان الشيعة من اكثر الفرق الاسلامية انطلاقا في تفكيرهم وإنتاجهم الموافق للأصول التي وضعها القرآن الكريم والحديث النبوي. فنظرية الاختيار مثلا ، التي تحمل في معناها ان الانسان هو الذي يصنع مصيره وأعماله ، وهو المسؤول عن كل تصرفاته ، من غير ان يكون مجبورا على شيء
__________________
(١) رجال الكشي (ص ٨٢).