التشيع بلا غلو ولا تحرف ، وهذا كثر من التابعين وتابعيهم ، مع الدين والورع والصدق ، فلو رد حديث هؤلاء لذهبت جملة الآثار النبوية ، وهذه مفسدة بيّنة (١).
وان المتتبع في مجاميع الفقه ، التي دونت بعد عصر التابعين ، كموطأ مالك ، اول كتاب الف في الفقه ، باشارة من ابي جعفر المنصور (٢) ، يرى انه يعتمد في كثير من ابواب الفقه على فقهاء الشيعة ، كسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وابن جبير ، وهو في الغالب يذكر آراءهم في مختلف المسائل الفقهية ، ويجعل منها دليلا على ما يذهب اليه. واذا أردنا أن نستقصي آراءهم في الفقه ، كما دونها مالك في موطئه لبلغت كتابا مستقلا.
وإذا رجعنا الى غير الشيعة وتتبعنا ولو قليلا ، وجدنا ان كثيرا ممن اشتهروا في الفقه في عصر التابعين وما بعد ، قد أخذوه عن علي وابن عباس وابي بن كعب وابن المسيب وغيرهم ، او عن تلاميذ هؤلاء ، من الموالي والتابعين ، لا سيما عليّ (ع) وابن عمه حبر الأمة ، فقد أخذ عنهما المتقدم والمتأخر.
__________________
(١) المجلد الأول من اعيان الشيعة ، عن الذهبي في ميزان الاعتدال.
(٢) تاريخ الفقه الاسلامي للدكتور محمد يوسف ص ١٧٢.