والمفتين. لذا فان آراء الفقهاء والمفتين من الشيعة لم تظهر الا في بعض مسائل الفقه ، كما ظهر ذلك في الفصل الذي تحدثنا فيه عن دور التشيع في الفقه الاسلامي بعد وفاة الرسول (ص).
اما في الدور المتأخر عن عصر التابعين ، وهو الدور الذي يبتديء في الشطر الأخير من حياة الامام الباقر ويستمر الى نهاية عهد الامام الصادق عليهماالسلام (١). فقد تيسر لهذين الامامين واصحابهما ، التعبير عن آرائهم في اصول الاسلام وفروعه ، وشاع الجدل والنقاش بينهم وبين غيرهم من الفقهاء والفلاسفة ، في مباحث الفقه والكلام وغيرهما من الشبه التي انتشرت بين المسلمين بواسطة اتصالهم بالبلاد التي غزاها الاسلام.
وجمعت مدرسة الامام الصادق آلاف الطلاب من مختلف الأقطار الاسلامية ، وانتشر فقهه وحديثه بين الملايين من الناس ، ومن أجل ذلك نسب اليه المذهب.
ومهما كان الحال ، فلقد كان الفقهاء ورواة الحديث من الشيعة ، يعدون بالمئات في عصر التابعين وتابعيهم ، وعليهم كانت تعتمد مدارس الفقه والحديث ، في مكة والمدينة والكوفة ، وبقية المدن الاسلامية الكبرى. وعن الذهبي في ميزان الاعتدال ، ان التشيع كثر في عهد التابعين كثرة مفرطة. وقال في ترجمة ابان بن تغلب ، بعد ما نقل توثيقه عن جماعة من الاعلام ، كابن حنبل وابن معين وابي حاتم ، لقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع ، وحد الثقة العدالة والاتقان؟ وجوابه ان البدعة ضربان : صغرى كغلو التشيع ، او
__________________
(١) حسب النهج الذي سلكناه في هذا الكتاب ، في الحديث عن الفقه الشيعي.