الكتابة ، وقد اعتادوا على تدوين ما عندهم من آثار الفرس والرومان والأمم السابقة ، قبل أن يغزو الإسلام بلادهم.
وهؤلاء لم يرزقوا قوة الذاكرة وملكة الحفظ اللتين عرف بهما العرب وسكان البادية.
السبب الثالث : ظهور الخطأ والاختلاف في كثير من الأحاديث ، بسبب اعتماد الرواة ، الذين انتشروا في الأقطار الإسلامية ، لتعليم الأحكام ونقل الأحاديث ، اعتمادا على ما استقر في ذاكرتهم. والإنسان بطبيعته معرض لعوامل كثيرة : كالنسيان والخطأ وغيرهما. ونتيجة لذلك حصل الاختلاف في نقل الحديث بين الرواة. هذا بالإضافة إلى انتشار ما هو مكذوب على الرسول من بعض من دخلوا الإسلام مكرهين ، ولم يخالط الايمان به قلوبهم ، أو طائعين ، باعوا ضمائرهم للحكام الذين استباحوا كل شيء في سبيل عروشهم.
قال الأستاذ مصطفى عبد الرزاق : انه مما أكد الحاجة لتدوين السنة ، شيوع الحديث المكذوب ، وقلة الثقة ببعض الرواة ، وظهور الكذب في الحديث عن رسول الله ، لأسباب سياسية أو مذهبية (١).
وقد دخل على الإسلام بسبب ذلك شر ، كان المسلمون في غنى عنه ، لو أن الخليفة أباح إلى المسلمين أن يجمعوا الحديث ويدونوه ، كما جمعوا آيات الكتاب من هنا وهناك ودونوها في كتاب واحد.
هذه هي العوامل ، التي من أجلها بدأ المسلمون يشعرون بضرورة تدوين الحديث وتصنيفه على مراحل ، كما يرى الباحثون في التشريع الإسلامي والآثار التي تركها السابقون. ولكن المصادر الشيعية تؤكد أن
__________________
(١) تمهيد لتأريخ الفلسفة (ص ١٩٥).