كل أخلاقه ومزاياه هذه سواء ما اكتسبه في نشأته برعاية والده السيد معروف ، أم ما ترسّخ فيه منها خلال طلبه العلم بالنّجف الأشرف ، هي جميعا أخذت تبرز وتتوهّج ، أكثر فأكثر ، منذ انتهت مرحلة طلب العلم ، وعاد الى جبل عامل ليمارس مهمّته كرجل دين. في مرحلته الجديدة تغيرت كل الظروف السابقة ، وجاءت ظروف مختلفة جدا. وتبدلت شروط الحياة وشروط العمل ، بل تبدّلت حتى شروط التفكير. بمعنى ان شخصيته الإنسانية أصبحت عرضة لأن تتكوّن من جديد بصيغة جديدة. وصار من الممكن والمحتمل أن تهتزّ شخصية طالب العلم حين ينتقل فورا إلى مرحلة عليه أن يواجه فيها الحياة والناس والأشياء والقضايا بوجه جديد ، بشخصية جديدة ، بمواقف جديدة ، بعادات جديدة ، بمزاج جديد إلخ ، إلخ.
وهنا الامتحان الكبير ، العسير ، الشاق. هنا التحوّل من شخصية طالب العلم إلى شخصية رجل الدين بكل ما تحتمل شخصية رجل الدين من صفات وصيغ عيش وتفكير ، ومن اشكال تعامل ، مع الناس ، مع الواقع الجديد. إنه التحول الصعب. فكيف إذن واجه السيد هاشم ظروفه الجديدة ، واقعه الجديد. هل اهتزت شخصيته الطالبية النموذجية امام شخصية رجل الدين التي كان عليه ان يتقمّصها بسرعة دون اختلال؟
أسئله كثيرة من هذا النوع تحتشد في الذهن. مع أن سيرة السيد هاشم النقية ، وفكره النقي ، يقدمان لنا الجواب عن كل هذه الأسئلة بارتياح دون مشقة. فقد بقيا على نقائهما دون انكسار. وبقي السيد هاشم الطالب النموذجي ، هو نفسه السيد هاشم العالم رجل الدين المرتجى. بل أصبح أكثر نموذجية ، أي أكثر توهجا ، أي أكثر حضورا في ظروفه الجديدة منه في ظروفه السابقة كطالب علم.
كل المزايا التي عرفناها في السيد هاشم طالب العلم في النجف الأشرف ، أثبتت حضورها الابهى في العلامة السيد هاشم رجل الدين في جبل عامل :
أخلاق التواضع والصدق وعفة اليد واللسان والضمير وبساطة العيش