رئيس العائلة عند اليونان والرومان والجرمانيين والهنود والعرب مالكا لزوجته كما يملك الرقيق بطريق البيع والشراء ، وكان عقد الزواج عليها يحصل على صورة بيع وشراء. يشتري الرجل زوجته من أبيها فينتقل اليه جميع ما كان للأب من حق عليها ، ويجوز له أن يتصرف فيها بالبيع لشخص آخر» وأكثر الذين كتبوا عن المرأة قبل الإسلام وبعده تعرضوا لما كانت تلاقيه من القسوة والامتهان حتى عند الغربيين الذين ينادون اليوم بمساواتها للرجل ومنحها حريتها المطلقة مهما نتج عن ذلك من فساد في المجتمع وتنكر للقيم والأخلاق.
وسواء صحت الحوادث التي نقلها الكتاب عن قسوة الأمم عليها أو لم تصح فمما لا شك فيه أن المرأة المسلمة قد استقبلت حياة جديدة حافلة بالعزة والكرامة ، لم تعهد منذ تاريخها حياة أفضل من حياتها في ظل الإسلام ، ولم تر من العناية والتقدير من أي امة سبقت الإسلام أو تأخرت عنه ما لاقته من الإسلام ، فقد وضعها في مكانها وأعطاها كل ما لها وكلفها بما عليها وخاطبها كما خاطب الرجل ورعاها كما رعاه.
وعلى كل حال فقضية الرجل والمرأة قضية خالدة ما خلدت الإنسانية ، باقية ما بقي الدهر.
فالحياة لم تقم بالرجل وحده ولا بالمرأة وحدها ، بل بهما معا تنتظم الحياة لأنهما من نفس واحدة (خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) فأصبح الزوجان أزواجا والنفسان عالما ضخما يموج بالأنفس ويزخر بالحياة. يسير ما قدر له السير ، ويمضي إلى غايته وأهدافه يعين بعضه بعضا ويكمل كل من شطريه الشطر الآخر ، وتلك سنة الله في جميع الحيوانات بل في جميع الأحياء على السواء.
قال سبحانه : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)