لهم ولطائفتهم ، كتبوا في فقه السنة لا في الفقه الإسلامي ، ولم يتعرضوا لفقه الشيعة ، حتى كأن الشيعة لا وجود لهم أو لا فقه لهم ، أو أنهم ليسوا بمسلمين ، هذا مع العلم بأن مذهبهم من أقدم المذاهب في الفقه بشهادة التاريخ ، وقد سبقوا الجميع الى تدوينه.
وإذا كان لكل شيء سبب فإن السبب الأول الذي دعا فضيلة الأخ العلامة السيد هاشم معروف إلى تأليف هذا السفر النفيس هو ظلم من سبقه إلى التأليف في هذا الموضوع ، ظلم مسخ تاريخ الفقه الإسلامي بتضييقه وقصره على فئات معينة ، حتى كأنهم يكتبون لأهل القبور لا لذوي العقول ، وقد يكونون مرغمين على ذلك بحكم نشأتهم وبيئتهم ، وإذا ظلمنا الغير فهل يجوز ان نظلم أنفسنا ، ونحن نملك العدة والقوة (١) فلقد كنا وما زلنا في طليعة الطوائف في شتى العلوم الإسلامية ، وبخاصة التشريع وأصوله ، فلقد شهد علماء الغرب على أن الشيعة باجتهاداتهم أمدوا الفقه بالحياة والنمو ، وصانوه من التحجر والجمود ، فمن هؤلاء الغربيين المستشرق المجري «جولد تسهير» ، قال في كتاب العقيدة والشريعة : «كان للشيعة فضل ملحوظ في إغناء المضمون الروحي للإسلام ، فإن بمثل حركاتهم الجامحة تأمن الأديان
__________________
(١) لاحظت هذا الإجحاف بحق الشيعة ، فأسفت وتألمت ، وددت أن أوفق لسد هذا النقص ، ولكني كلما حاولت أحسست بصارف من الداخل ، والميل الى موضوع غيره ، حتى كأن الله سبحانه قد ادخره الى سواي ، فرغبت الى أخي «المعروف» أن يقوم بهذه المهمة ، فتردد بادئ الأمر ، وبعد الإلحاح والترغيب في شتى الأساليب أقدم وباشر في العمل نجزه على أكمل الوجوه ـ فعلمت أن الله جل وعز قد خصه بهذه المنقبة والفضيلة دوني ، أقول هذا ، وأنا ، مثلج الصدر مغتبط بسبقه وتوفيقه ، وبعناية الله بأخ لي ، أقل ما عرفت من صفاته طوال ثلاثين عاما أو أكثر أنه رجل الوفاء والإخلاص والهمم.