كانت المرأة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة. وليس للحكمين صلاحية الطلاق الا ان يكونا وكيلين في إيقاعه لو فشلا في التوفيق بينهما. لقد أوصت الآيات الكريمة بعلاج مشاكل الزوجين بهذا النحو الذي ذكرناه ، حتى لا تكون جحيما يسوقهما الى الطلاق لأقل سبب يحدث بينهما ، أما إذا فشلت جميع المحاولات وأخفقت جميع المساعي التي بذلها الزوجان والحكمان وكانت حياتهما لا محالة جحيما ، تجر من ورائها أنواعا من الجرائم والمفاسد على البيت والأسرة ، كان ولا بد في مثل ذلك ان يضع الإسلام علاجا آخر لانقاذها من ذلك البيت المظلم ، ولا شيء أجدى من تلك المرحلة الأخيرة التي هي من أبغض أنواع الحلال الى الله سبحانه : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) ، (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً) في هذه المرحلة الحاسمة من حياة الزوجين شرع الإسلام الطلاق ، حيث لا علاج غيره ، تخلصا مما يحيط بهما من إخطار قد تؤدي بحياة الأسرة بكاملها ، لو بقي الزوجان في بيت قد انحرف صاحباه عن انسانيتهما السامية التي حددتها الآية الكريمة من سورة الروم :
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً).
ومع ان هذا التشريع من ضرورات المجتمع ، إذا كانت حياة الزوجين على هذا النحو ، فقد فسح الإسلام لهما المجال للتراجع عنه ، لأنه لم يقره على كل حال في جميع الحالات بل أباحه بشروط قد يتعسر اجتماعها أحيانا ، فلا يقع في حالة الحيض وفي الطهر الذي واقعها فيه ، وبعد وجود هذين الشرطين لا يقع الا بمحضر اثنين من عدول المسلمين. وقد لا يتيسر للزوج في كثير من الأحيان اجتماع الشروط