لذلك. فالسنة إذا خرجت عن ذلك فلا حرج. وقد جاء من ذلك نمط صالح في الصحيح. كحديث (١) أبرص وأقرع وأعمى ، وحديث (٢) جريج العابد ، ووفاة موسى (٣). وجمل من قصص الأنبياء ، عليهمالسلام ، والأمم قبلنا ، مما لا ينبني عليه عمل. ولكن في ذلك من الاعتبار نحو مما في القصص القرآنيّ. وهو نمط ربما رجع إلى الترغيب والترهيب. فهو خادم للأمر والنهي ، ومعدود في المكملات لضرورة التشريع فلم يخرج بالكلية عن القسم الأول. والله أعلم.
١١ ـ قاعدة في أنه : هل في القرآن مجاز أم لا؟
قال شيخ الإسلام تقيّ الدين بن تيمية في كتاب «الإيمان» :
فإن قيل : ما ذكر من تنوع دلالة اللفظ بالإطلاق والتقييد في كلام الله ورسوله وكلام كلّ أحد ، بيّن ظاهر لا يمكن دفعه. لكن نقول : دلالة لفظ الإيمان على الأعمال مجاز ، فقوله صلىاللهعليهوسلم : «الإيمان بضع وستون ـ أو بضع وسبعون ـ شعبة. أعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» مجاز. وقوله «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ورسله ... إلى آخره» حقيقة. وهذا عمدة المرجئة ، والجهمية ، والكرامية ، وكلّ من لم يدخل الأعمال في اسم الإيمان. ونحن نجيب بجوابين : أحدهما كلام عامّ في لفظ الحقيقة والمجاز ، والثاني ما يختص بهذا الموضع. فبتقدير أن يكون أحدهما مجازا ، ما هو الحقيقة من ذلك من المجاز؟ هل الحقيقة هو المطلق أو المقيّد؟ أو كلاهما حقيقة؟ حتى يعرف أنّ لفظ الإيمان إذا أطلق ، على ماذا يحمل؟ فيقال أولا : تقسيم الألفاظ الدالة على معانيها إلى حقيقة ومجاز ،
__________________
(١) أخرج البخاري في الأنبياء ، حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل. عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله أن يبتليهم ... إلخ» الحديث.
(٢) أخرج البخاري في العمل في الصلاة ، باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة : عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نادت امرأة ابنها ، وهو في صومعة ، قالت : يا جريج. قال : اللهم ، أمي وصلاتي. قالت : يا جريج. قال : اللهم أمي وصلاتي. قالت : يا جريج. قال : اللهم ، أمي وصلاتي. قالت : اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجه المياميس. وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم. فولدت. فقيل لها : ممن هذا الولد؟ قالت : من جريج. نزل من صومعته. قال جريج : أين هذه التي تزعم أن ولدها لي؟ قال : يا بابوس ، من أبوك؟ قال : راعي الغنم.
(٣) أخرج البخاري في الأنبياء ، باب وفاة موسى : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أرسل ملك الموت إلى موسى عليهماالسلام. فلما جاءه صكه ... إلخ الحديث.