«هذا جبرئيل جاءكم يعلمكم دينكم» ليبيّن لهم كمال هذه الأسماء وحقائقها التي ينبغي أن تقصد لئلا يقتصروا على أدنى مسمياتها. وهذا كما في الحديث الصحيح أنه قال : «ليس المسكين بهذا الطوّاف الذي تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان. ولكن المسكين الذي لا يجد غنيّ يغنيه ولا يفطن له فيتصدّق عليه ولا يسأل الناس إلحافا» (١). فهم كانوا يعرفون المسكين وأنه المحتاج. وكان ذلك مشهورا عندهم فيمن يظهر حاجته في السؤال ، فبيّن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّ الذي يظهر حاجته بالسؤال والناس يعطونه ـ تزول مسكنته بإعطاء الناس له. والسؤال له بمنزلة الحرفة. وهو ، وإن كان مسكينا ، يستحق من الزكاة إذا لم يعط من غيرها كفايته ، فهو إذا وجد من يعطيه كفايته لم يبق مسكينا ، وإنما المسكين المحتاج الذي لا يسأل ولا يعرف فيعطى ، فهذا هو الذي يجب أن يقدم في العطاء ، فإنه مسكين قطعا. وذاك ، مسكنته تندفع بعطاء من يسأله.
وكذلك قوله : «الإسلام هو الخمس» يريد أن هذا كلّه واجب في الإسلام. فليس للإنسان أن يكتفي بالإقرار بالشهادتين. وكذلك الإيمان يجب أن يكون على هذا الوجه المفصل ، لا يكتفى فيه بالإيمان بالمجمل ، ولهذا لما وصف الإسلام بهذا». انتهى.
ذكر مجمل مقاصد التنزيل الكريم وضروب التفسير
قال الإمام عز الدين بن عبد السلام في كتابه «الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز» في أواخره ما نصه :
«وعلى الجملة فمقاصد القرآن أنواع : أحدها : الطلب وهو أربعة أضرب.
النوع الثاني : الإذن والإطلاق : النوع الثالث : النداء. والنداء تنبيه للمنادى ليسمع ما يلقى إليه بعد النداء من الكلام ليعمل بمقتضاه ، ولذلك كثر النداء في القرآن. وأما وصف المنادى فأربعة أقسام : (أحدها) ما لا حثّ فيه ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ...) (الثاني) فيه حثّ ، كالوصف بالإيمان ، وله فائدتان : (إحداهما).
__________________
(١) أخرجه مسلم في الزكاة ، حديث ١٠١ ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ليس المسكين بهذا الطوّاف الذي يطوف على الناس ، فترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان» قالوا : فما المسكين؟ يا رسول الله. قال : «الذي لا يجد غني يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ولا يسأل الناس شيئا».