والفصل بينهما بغير الظرف ـ فشيء لو كان في مكان الضرورات ، وهو الشعر ، لكان سمجا مردودا كما سمج وردّ :
زجّ القلوص أبي مزادة
فكيف به في الكلام المنثور؟ فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته؟ والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف (شُرَكائِهِمْ) مكتوبا بالياء.
فكتب الناصر عليه ما ملخصه : إن الزمخشريّ ركب متن عمياء ، فإنه تخيل أن القرء ، أئمة الوجوه السبعة ، اختار كل منهم حرفا قرأ به اجتهادا ، لا نقلا وسماعا. فلذلك غلّط ابن عامر في قراءته هذه. وأخذ يبين أن وجه غلطه رؤيته الياء ثابتة في شركائهم ، فاستدل بذلك على أنه مجرور ، وتعين عنده نصب أولادهم بالقياس ، إذ لا يضاف المصدر إلى أمرين معا. فقرأه منصوبا ـ إلى أن قال ـ فهذا كله كما ترى ظنّ من الزمخشريّ أن ابن عامر قرأ قراءته هذه رأيا منه ، وكان الصواب خلافه ، والفصيح سواه. ولم يعلم الزمخشريّ أن هذه القراءة ، بنصب الأولاد ، والفصل بين المضاف والمضاف إليه ، بها يعلم ضرورة أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأها على جبريل كما أنزلها عليه كذلك ثم تلاها النبيّ صلىاللهعليهوسلم على عدد التواتر من الأئمة ، ولم يزل عدد التواتر يتناقلونها ويقرءون بها خلفا عن سلف. إلى أن انتهت إلى ابن عامر فقرأها أيضا كما سمعها. فهذا معتقد أهل الحق في جميع الوجوه السبعة أنها متواترة ، جملة وتفصيلا ، عن أفصح من نطق بالضاد صلىاللهعليهوسلم. فإذا علمت العقيدة الصحيحة فلا مبالاة بعدها بقول الزمخشريّ ولا بقول أمثاله ، ممن لحن ابن عامر ، وظن أن القراءة تثبت بالرأي ، غير موقوفة على النقل. والحامل هو التغالي في اعتقاد اطراد الأقيسة النحوية. فظنها قطعية حتى يرد ما خالفها. انتهى.
فتأمل. والأمر يحتاج إلى كلام من خالف بحروفه وتمحيص بالنظر في أطرافه وما برهنوا عليه.
ثم رأيت في «مفاتيح الأصول في علم الأصول» للسيد الطباطبائيّ بحثا مسهبا في بيان تواتر القراءات وعدمه. سأذكره بعد ورقات.
بحث أسانيد الأئمة السبعة هل هي متواترة أم آحاد
قال الزركشيّ ، في البرهان : القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان. فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم للبيان والإعجاز. والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي