رأي ابن الحاجب وغيره في تواتر ما ليس من قبل الأداء
قال ابن الحاجب : القراءات السبع متواترة فيما ليس من قبل الأداء. كالمد والإمالة وتحقيق الهمزة ونحوه. أي فإنه غير متواتر. (قالوا) : ليس المراد من قوله : كالمد ، أصل المد فإنه متواتر. بل مقدار المزيد فيه على أصله. هل يقتصر فيه على مقدار ألف ونصف ، كما قدّر به مدّ الكسائيّ؟ أو ثلاثة كما قدر به مد ورش وحمزة؟ وكل هذه الهيئات غير متواترة عند ابن الحاجب وأبي حنيفة. كما صرح به غير واحد من أئمة التحقيق (كذا في اللطائف).
وقال القاضي ابن خلدون في مقدمة تاريخه ، في بحث علوم القرآن من التفسير والقراءات ، ما مثاله :
القرآن كلام الله المنزل على نبيّه ، المكتوب بين دفتي المصحف ، وهو متواتر بين الأمة. إلا أن الصحابة رووه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم على طرق مختلفة في بعض ألفاظه ، وكيفيات الحروف في أدائها. وتنوقل ذلك واشتهر. إلى أن استقرت منها سبع طرق معينة. تواتر نقلها أيضا بأدائها. واختصت بالانتساب إلى من اشتهر بروايتها من الجم الغفير. فصارت هذه القراءات السبع أصولا للقراءة ، وربما زيد بعد ذلك قراءات أخر لحقت بالسبع. إلا أنها عند أئمة القراءة لا تقوى قوتها في النقل.
وهذه القراءات السبع معروفة في كتبها. وقد خالف بعض الناس في تواتر طرقها لأنها عندهم كيفيات للأداء ، وهو غير منضبط. وليس ذلك عندهم بقادح في تواتر القرآن. وأباه الأكثر. وقالوا بتواترها. وقال آخرون بتواتر غير الأداء منها ، كالمدّ والتسهيل. لعدم الوقوف على كيفيته بالسمع. وهو الصحيح.
بحث القراءات الشاذة
قال الحافظ ابن الجزريّ في النشر : قال الإمام أبو محمد مكيّ : إن جميع ما روي في القرآن على ثلاثة أقسام : قسم يقرأ به اليوم. وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال. وهي أن ينقل عن الثقات عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن سائغا ، ويكون موافقا لخط المصحف ـ فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثالث قرئ به وقطع على مغيّبه وصحته وصدقه. لأنه أخذ عن إجماع من جهة موافقة خط المصحف. وكفر من جحده.