و «عيسى روح الله». ويشهد له الحديث (١) : «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، إن صاحبكم خليل الله» (٢).
وهؤلاء من أهل الكلام هم النابذون للمنقولات اتباعا للرأي. وقد أدّاهم ذلك إلى تحريف كلام الله بما لا يشهد للفظه عربيّ ، ولا لمعناه برهان ، كما رأيت.
وإنما أكثرت من الأمثلة ، وإن كانت من الخروج عن مقصود العربية والمعنى على ما علمت ، لتكون تنبيها على ما وراءها مما هو مثلها ، أو قريب منها.
ثم قال الشاطبيّ :
فصل
وكون الباطن هو المراد من الخطاب قد ظهر أيضا مما تقدم في المسألة قبلها ، ولكن يشترط فيه شرطان : أحدهما : أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب ويجري على المقاصد العربية. والثاني : أن يكون له شاهد نصّا أو ظاهرا في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض.
فأما الأول : فظاهر من قاعدة كون القرآن عربيّا. فإنه لو كان له فهم لا يقتضيه كلام العرب لم يوصف بكونه عربيا بإطلاق. ولأنه مفهوم يلصق بالقرآن ، ليس في ألفاظه ولا في معانيه ما يدل عليه. وما كان كذلك فلا يصح أن ينسب إليه أصلا إذ ليست نسبته إليه على أنه مدلوله أولى من نسبة ضده إليه ، ولا مرجح يدل على أحدهما. فإثبات أحدهما تحكّم وتقوّل على القرآن ظاهر. وعند ذلك يدخل قائله تحت إثم من قال في كتاب الله بغير علم. والأدلة المذكورة ، في أن القرآن عربيّ ، جارية هنا.
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في فضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم «سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر» : عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله تعالى عنه عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال «إن من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر. ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر. ولكن أخوّة الإسلام ومودته. لا يبقينّ في المسجد باب إلا سدّ ، إلا باب أبي بكر».
(٢) أخرجه الترمذي في المناقب باب حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه. ما خلا أبا بكر. فإن له عندنا يدا يكافئه الله به يوم القيامة. وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر. ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. ألا وإن صاحبكم خليل الله».