يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته ، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته.
وقال الإمام أبو شامة : إن القرآن نزل أولا بلسان قريش ومن جاورهم من العرب الفصحاء ، ثم أبيح للعرب أن تقرأه بلغاتهم التي جزت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب. قال الطحاويّ : إنما كان ذلك رخصة لما كان يتعسر على كثير منهم التلاوة بلفظ واحد. لعدم علمهم بالكتابة والضبط ، وإتقان الحفظ ، ثم نسخ بزوال العذر وتيسير الكتابة والحفظ يعني بالنسخ ما أقره عثمان في المصاحف التي كتبها كما سيأتي :
معنى الأحرف في الحديث
قال الداني : الأحرف الأوجه. أي أن القرآن أنزل على سبعة أوجه من اللغات. لأن الأحرف جمع في القليل. كفلس وأفلس. والحرف قد يراد به الوجه بدليل قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ...) [الحج : ١١] الآية. فالمراد بالحرف الوجه. أي على النعمة والخير وإجابة السؤال والعافية. فإذا استقامت له هذه الأحوال اطمأنّ وعبد الله.
وإذا تغيرت عليه وامتحنه الله بالشدة والضر ترك العبادة وكفر. فهذا عبد الله على وجه واحد. فلهذا سمّى النبي صلىاللهعليهوسلم هذه الأوجه المختلفة من القراءات والمتغايرة من اللغات ، أحرفا. على معنى أن كل شيء منها وجه. وذكر الإمام ابن جرير في قول ابن مسعود : من قرأ القرآن على حرف فلا يتحولن منه إلى غيره ـ أنه عنى ، رضى الله عنه ، أن من قرأ بحرفه ، وحرفه قراءته. قال : وكذلك تقول العرب لقراءة رجل : حرف فلان. وتقول للحرف من حروف الهجاء المقطعة : حرف. كما تقول لقصيدة من قصائد الشاعر : كلمة فلان.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في تحقيق أن المراد بالحرف الكلمة ، فيما نقله عنه الحافظ ابن الجزريّ ، في أواخر النشر ، ما مثاله : وأما تسمية الاسم وحده كلمة والفعل وحده كلمة ، والحرف وحده كلمة مثل : هل وبل ، فهذا اصطلاح محض لبعض النحاة. ليس هذا من لغة العرب أصلا. وإنما سمى العرب هذه المفردات حروفا. ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم (١) : «من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات. أما
__________________
(١) أخرجه الدارمي في فضائل القرآن ، باب فضل من قرأ القرآن.