الخارجي (١) وغيره.
والجواب عنها : أن الشريف الرضي أحق بالتصديق في روايته من غيره واعرف بأساليب بلغاء العرب ، ولا يبعد أن يكون الذين جاؤوا بعد الإمام اقتفوا أثره في خُطَبهِ وأفرغوها بألسنتهم ، وربما نحلها هؤلاء أشياعهم كما نحلوا معاوية بن أبي سفيان بعض خطب الإمام.
قال مدرس دار العلوم أحمد زكي صفوة المؤرخين :
ومما يستوقف الباحث في هذا الباب ما أورده الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥ هـ في البيان والتبيين ، قال : قالوا : لما حضرت معاوية الوفاة قال لمولى له : مَنْ بالباب؟
قال : نفر من قريش يتباشرون بموتك.
فقال : ويحك ولم؟
قال : لا أدري.
قال : فوالله ما لهم بعدي إلا الذي يسوؤهم ، وأذن للناس فدخلوا فحمد الله وأثنى عليه وأوجز ثم خطبهم خطبة أوردها الجاحظ وعَقّبها بقوله : وفي هذه الخطبة ـ أبقاك الله ـ ضروب من العجب : منها أن هذا الكلام لا يُشْبهُ السبب الذي من أجله دعاهم معاوية ، ومنها أن هذا المذهب في تصنيف الناس وفي الإخبار عنهم وعما هم عليه من القهر والإذلال ومن التقية والخوف أشبه بكلام علي وبمعانيه بحاله منه حال معاوية ؛ ومنها
__________________
(١) قَطَرِيّ بن الفُجاءة ، أبو نعامة ، وأسمه جعونة بن مازن بن يزيد المازني الخارجي ، خرج من عبد الله بن الزبير ، وبقي قَطَرِيّ عشرين سنة يقاتل ويُسلم عليه بالخلافة ، قتل سنة هـ. وفيات الأعيان : ج ٤ / ٩٣.