حتى أن الحجاج ألقى على علماء التابعين يوماً شبهة الجبر فرده كل منهم أنه أخذ ذلك عن علي بن أبي طالب عليهالسلام!
فقال الحجاج : لقد جئتموها من عين صافية (١).
ولقد كان ابن عم رسول الله يفيض على أبناء عصره ومصره بعلوم النبوة ومعارف الدين العالية ، إلا أن أكثرهم لم يكونوا ليفهموها بل كانوا يحملون هاتيك الكلم الجامعة إلى من ولدوا بعدهم كما قيل : (رب حامل فقه إلى من هو أفقه) (٢).
ونظير هذا آيات التوحيد والرؤية والكلام والعدل تلك الآيات التي تدبر فيها حكماء الإسلام في القرون المتأخرة وأظهروا معارفها العالية التي لم تخطر ببال أحد في عصر الصحابة.
وأوضح برهان لنا في المقام وجود جمل في خطب نهج البلاغة تنطق بحركة الأرض وتنطبق على أصول الهيئة الجديدة ومسائلها التي حدثت بعد الألف الهجري ؛ كقوله عليه السلام في صفة الأرض : (فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها أو تسبخ بحملها) (٣) ، وقوله عليهالسلام: (وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها) (٤) ، وكلنا نعلم أن الرأي القائل بتحرك الأرض مع سكونها الظاهر مستحدث من بعد (غاليلو) الايطالي ، و (كوبرنيك) الألماني ، و (نيوتن) الانكليزي ، ورأي ثبوت الحركات العشر للأرض متأخر
__________________
(١) كنز الفوائد : .
() ينظر الحديث في بحار الأنوار : ج ٤ / ١٤٦ ، ومسند احمد بن حنبل : ج ٥ / .
(٣) نهج البلاغة : ج ٢ / .
(٤) نهج البلاغة : ج ١ / ٤.