عنهم جداً.
وكل هذه الآراء حادثة بعد انتشار شروح نهج البلاغة فضلاً عن النهج الذي أشتهر أمره من قبلها فهل يسوغ لامرئ أن يشك في تأليف نهج البلاغة وشروحه بحجة أنها مشتملة على مسائل الهيئة المتأخرة من الأن الهجري؟
الشبهة الخامسة : اشتمال الخطب على اصطلاحات وجدت في القرون المتأخرة وعلى سبك حديث الطراز كقوله عليهالسلام ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له ، نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، فمن وصَفَ الله سبحانه وتعالى فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنَّاه ومَنْ ثناهُ فقد جَزَّأه ومن جزأه ... الخ (١).
والجواب عنها : يعرف مما سبق ؛ فإنَّ المتأخرين إنما توسعوا في معارفهم بعد العثور على هذه الحكم الجلائل وأختاروا الاصطلاحات من قبيل (الكيف والأين) بعدما استأنسوا بمبادئها في كلام الإمام عليهالسلام لأن الكلام نسب إلى الإمام بعد ظهور هذه المصطلحات ، بدليل أن أمثال هذه المبادئ مستفيضة في أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي كلام فصحاء العرب الأوائل ولا يعز المتتبع وافره ؛ وأي عاقل يستطيع أن يصوغ هذه الجمل العسجدية ثم ينسبها إلى غيره؟ ولو كان أحد ينسب إلى الإمام شيئاً من المصطلحات بعد تاريخ حدوثها لجاءت في خطبه كلمة الماهية المنحوتة من (ما هي) ، واللمية المنحوتة من (لم) ، والإنية المنحوتة من (أنه) ،
__________________
(١) نهج البلاغة : ج ١ / ٥.