والهيولي المنحوتة من (هي الأولى) ، وأمثال ذلك من مصطلحات حكماء الاسلام ، في حين أن النهج كله خلو عن كل هذا.
ونظير هذا قول أبي نُواسٍ (كأن صغرى وكبرى من فَواقِعها) ، الذي يظن فيه سامعه لأول وهلة أنه أخذ عن المنطقيين مصطلحهم في صغرى وكبرى القياس ، طحين الاصطلاح متأخر جداً ولا يستلزم تأخره نفي ذلك الشعر المتقدم ، ومثل هذا غير عزيز على من طلبه.
ومن الغريب استغراب بعضهم في كلام الإمام استنتاجه الجمل متفرعة بعضها من بعض كقوله عليهالسلام: فمن وصف الله سبحانه وتعالى فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ... الخ. يحسب أن ترتیب الكلام على شاكلة القياس المؤلف من صغراه وكبراه غير مألوف من العرب في حين أن هذا الحسبان قدح في الأدب العربي من حيث لا يقصد ؛ ومعناه أن نظم القياس المعقول قصيٌ عن الذوق العربي ، وهذا شيء لا نقبله والعرب هم الأقربون إلى القياس المنقول بفطرتهم وكم له نظير في الكتاب والسنة؟ قال تعالى :
(وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا) () ، وروی البخاري في صحيحه عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم: (فاطمة بضعة مني من أغضبها فقد أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله) (٢).
فإذا ورد في أفصح الكلم نظم القياس وتفريع الجمل فهل يستغرب من حفظة القرآن أن يتوسعوا في نظم الأقيسة الافترائية والاستثنائية في أساليب حديثهم؟
__________________
(١) الأنفال : ٢٣.
() صحيح البخاري : ج ٤ / .