عبد الحميد بن يحيى () ؛ ()
«حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت» يعني بالأصلع سيدنا علياً.
وقال ابن نباتة (٣) : «حفظت من الخطب كنزاً لا يزيده الإنفاق إلا سعة ، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب».
وكم زيَّن الجاحظ (٤) كتبه مثل البيان والتبيين بفصول من خطب أمير المؤمنين إعجاباً بها وإعداداً للنفوس لبلوغ أقصى البلاغة.
هذه غاية الأدباء في حفظ كلامه وهذا ما حمل الشريف الرضي على جمع المختار من خطب علي عليهالسلام وكتبه وكلمه في أبواب ثلاثة ، وقال في مقدمة الكتاب أنه آثر لنفسه جمع المختار من ذلك وترك لكل باب أوراقاً بيضاء (٥) ليلحق بالمدون ما سيظفر به في المستقبل ، ولم تكن في نفسه غير داعية الأدب داعية أخرى. ولو كان قلمه يحمل شيئاً من التعصب في
__________________
(١) عبد الحميد بن يحيى بن سعد المعروف بالكاتب ، أديب كاتب بليغ ، أصله من قیسارة ونشأ بالأنبار وسكن الشام ، له رسائل في ألف ورقة ونصيحة الكتاب وما يلزم أن يكونوا عليه من الأخلاق والآداب ، قتل مع مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية سنة هـ. معجم المؤلفين : ج ٥ / ١٠٦.
() وهو الذي قيل فيه : بَدَأتِ الكِتَابَةُ بعبد الحميد وَخُتمتْ بأبْنِ العميد.
(٣) عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي (ابن نباتة) ، أبو یحیی ، خطیب حلب ، توفي سنة ٣٤ هـ. الكنى والألقاب : ج ١ / ٤٣٦.
(٤) أبو عثمان ، عمرو بن بحر بن محبوب الليثي البصري ، اللغوي النحوي ، كان من غلمان النظام المعتزلي وكان مائلاً الى النصب والعثمانية ، توفي بالبصرة سنة ٥٥ هـ. الكنى والألقاب : ج ٢ / ١٣٦.
(٥) البيضاء : صفة للمؤنثة المفردة ، فالْوَجْهُ أن يقولَ : أوراقاً بيْضاً.