انثالوا عليَّ من كل جانب حتى لقد وطأ الحسنان وشق عطفاي حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول : (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكن احلولت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها ؛ والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء إلا يقروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألفيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها ولألفتم دنياكم أزهد عندي من عفطة عنز.
قال : وناوله رجل من أهل السواد كتاباً فقطع كلامه وتناول الكتاب. فقلت : يا أمير المؤمنين لو أطردت مقالك إلى حيث بلغت؟
فقال : هيهات هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت ، قال ابن عباس : فما أسفت على كلام قحط كأسفي على كلام أمير المؤمنین عليهالسلام إذ لم يبلغ به حيث أراد.