والثاني : الاشتراط ؛ لأنّه إثبات حقّ التسليط والتصرّف للوكيل ، فليقبل لفظاً ، كما في سائر المملّكات (١).
ولهم طريقٌ آخَر : إنّ الوجهين فيما إذا أتى بصيغة عقدٍ بأن قال : وكّلتك ، أو : استنبتك ، أو : فوّضت إليك ، وأمّا في صِيَغ الأمر ـ نحو : بِعْ ، أو : اشتر ـ فلا يشترط القبول لفظاً جزماً ، بل يكفي الامتثال على المعتاد ، كما في إباحة الطعام (٢).
وقال بعض الشافعيّة : إنّ قوله : « أذنت لك في كذا » بمثابة قوله : « بِعْ واعتق » لا بمثابة قوله : « وكّلتك » وإن كان « أذنت » على صِيَغ العقود (٣).
إذا ثبت هذا ، فإنّ الوكيل إن شاء قَبِل بلفظه ، وإن شاء تصرّف ، وكان ذلك قبولاً منه ؛ لأنّ الوكالة أمر له ، فيصير بالتصرّف محصّلاً للأمر ، بخلاف سائر العقود من البيع والإجارة والهبة والوصيّة ، فإنّها تتضمّن التمليك ، فافتقرت إلى القبول بالقول ، والتوكيل جارٍ مجرى الوديعة والعارية لا يفتقر إلى القبول بالقول ؛ لأنّ ذلك أمر وإباحة.
مسألة ٦٤٦ : ويجوز عندنا القبول على الفور والتراخي ، نحو أن يبلغه أنّ رجلاً وكّله في بيع شيء منذ سنة فيبيعه ، أو يقول : قبلت ، أو يأمره بفعل شيء فيفعله بعد مدّة طويلة ؛ لأنّ قبول وكلاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لوكالته كان بفعلهم ، وكان متراخياً عن توكيله إيّاهم ، ولأنّه أذن في التصرّف ، والإذن قائم ما لم يرجع عنه ، فأشبه الإباحة ، ولأنّ الوكالة عقد يحتمل فيه
__________________
(١) بحر المذهب ٨ : ١٥٦ ، الوسيط ٣ : ٢٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٤ ، منهاج الطالبين : ١٣٥.
(٢) الوسيط ٣ : ٢٨٣ ، الوجيز ١ : ١٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٣٤ ، منهاج الطالبين : ١٣٥.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٢٠.